يتبيّن لهم أنّ آدم يعلمها ، لا أن يُسأل الملائكة عن ذلك ، فإنّ هذا السياق يعطي أنّهم ادّعوا الخلافة وأذعنوا بانتفائها عن آدم ، وكان اللازم أن يعلم الخليفة بالأسماء ، فسألهم عن الأسماء فجهلوها وعلمها آدم . فثبت بذلك لياقته لها وانتفاؤها عنهم ، وقد ذيّل سبحانه السؤال بقوله : ( إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) وهو مشعر بأنّهم كانوا ادّعوا شيئاً كان لازمه العلم بالأسماء » [1] . من هنا جاءت النصوص لتؤكّد هذا المعنى ، وهو أنّ هذا الخليفة الأرضي له من المقام والمنزلة ما ليس للملائكة أجمعين ؛ قال الإمام الصادق عليه السلام : « إنّ الله تبارك وتعالى علّم آدم عليه السلام أسماء حجج الله كلّها ، ثمّ عرضهم - وهم أرواح - على الملائكة ، فقال : أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ، بأنّكم أحقّ بالخلافة في الأرض لتسبيحكم وتقديسكم من آدم ف ( قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) . قال الله تبارك وتعالى : ( قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ ) وقفوا على عظم منزلتهم عند الله عزّ ذكره ، فعلموا أنّهم أحقّ بأن يكونوا خلفاء الله في أرضه وحججه على بريّته ، ثمّ غيّبهم عن أبصارهم واستعبدهم بولايتهم ومحبّتهم وقال لهم : ( أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ) » [2] . وأمّا الثاني : فهو ما أشير إليه في قوله تعالى : ( فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا * قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا * قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ
[1] الميزان في تفسير القرآن ، مصدر سابق : ج 1 ص 116 . [2] البرهان في تفسير القرآن ، مصدر سابق : ج 1 ص 164 .