جوارح جسد العالم الذي الإنسان روحه ، ولمّا كان هذا الاسم الجامع قابلاً للحضرتين - بمعنى أنّ له جهتي تجرّد وتعلّق ليستفيض من جهة ويفيض بأخرى - صحّت له الخلافة وتدبير العالم ، والله سبحانه الفعّال لما يريد ، ولا فاعل على الحقيقة سواه ، وفي المقام ضيق ، والمنكرون كثيرون ، ولا مستعان إلاّ بالله عزّ وجلّ » [1] . ثمّ قال : إنّ هذا الخليفة « ظهر الحقّ - جلّ وعلا - فيه ، منزّهاً عن الحلول والاتّحاد والتشبيه - بجميع أسمائه وصفاته المتقابلة ، حسب استعداده الجامع بحيث علم وجه الحقّ في تلك الأشياء ، وعلم ما انطوت عليه وفهم ما أشارت إليه ، فلم يخف عليه منها خافية ولم يبق من أسرارها باقية ، فيالله هذا الجرم الصغير كيف حوى هذا العلم الغزير » [2] . وهذا ما أكّده الطباطبائي ببيان آخر ، حيث قال : « إنّ هذه الآيات تشير إلى « أنّ هناك أمراً لا يقدر الملائكة على حمله ولا تتحمّله ، ويتحمّله هذا الخليفة الأرضي ، فإنّه يحكي عن الله سبحانه أمراً ويتحمّل منه سرّاً ليس في وسع الملائكة » . وبهذا يتّضح السبب في أنّه تعالى « بدّل قوله : ( قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) ، ثانيا بقوله ( أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) , والمراد بهذا الغيب هو الأسماء لا علم آدم بها ، فإنّ الملائكة ما كانت تعلم أنّ هناك أسماءً لا يعلمونها ، لا أنّهم كانوا يعلمون وجود أسماء كذلك ويجهلون من آدم أنّه يعلمها ، وإلاّ لما كان لسؤاله تعالى إيّاهم عن الأسماء وجه ، وهو ظاهر ، بل كان حقّ المقام أن يقتصر بقوله : « قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم » حتّى
[1] المصدر السابق : ج 1 ص 221 . [2] المصدر السابق : ج 1 ص 224 .