وقوله : ( ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) ( التوبة : 26 ) . وقوله : ( لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ ) ( التوبة : 88 ) . وقوله : ( هَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا ) ( آل عمران : 68 ) . وقوله : ( لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ ) ( التحريم : 8 ) . فلو كان المراد بقوله : « والراسخون في العلم » أنّهم عالمون بالتأويل - ورسول الله صلّى الله عليه وآله منهم قطعاً - كان حقّ الكلام كما عرفت أن يقال : وما يعلم تأويله إلاّ الله ورسوله والراسخون في العلم . إلاّ أنّ ذلك يمكن أن يجاب عنه أنّ الآية ذكرت النبيّ صلّى الله عليه وآله في صدرها حيث قالت : ( هو الذي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ ( فلا حاجة لذكره ثانياً . وأخرى إلى جملة من الروايات الواردة من طرق الفريقين ، منها : ما روي عن ابن عبّاس أنّه كان يقرأ : وما يعلم تأويله إلاّ الله ويقول الراسخون في العلم آمنّا به . وكذلك حكى الفرّاء في قراءة أُبيّ بن كعب أيضاً : ويقول الراسخون في العلم [1] . الواقع أنّ هذه القراءات وأمثالها ، إن استدلّ بها لبيان عدم دلالة الآية على علم الراسخين بالتأويل ، فيُجاب عن ذلك أنّها لا حجّية فيها - كما هو واضح - وإذا أُريد الاستناد إليها لحصر العلم بالتأويل بالله تعالى مطلقاً ، فيقال : إنّ غاية دلالتها أنّ الآية لا تدلّ على علم الراسخين بالتأويل ، وعدم دلالة الآية عليه غير دلالتها على عدمه كما هو المدّعى ، فمن الممكن أن يدلّ عليه دليل آخر كما سيأتي . وأخرج الطبراني عن أبي مالك الأشعري أنّه سمع رسول الله صلّى الله
[1] مجمع الزوائد ، الهيثمي ، مصدر سابق : ج 1 ص 388 .