عدم وجود المعادل لقوله : ( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ( . قال الآلوسي : « بأنّ الآية من قبيل الجمع والتقسيم والتفريق ، فالجمع في قوله سبحانه : ( أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ ( والتقسيم في قوله تعالى : ( مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ( ، والتفريق في قوله عزّ شأنه : ( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ( فلا بدّ من مقابلة ذلك من حكم يتعلّق بالمحكم ، وهو أنّ الراسخين يتبعونه ويرجعون المتشابه إليه على ما هو مضمون قوله سبحانه ( وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ . . . ( » [1] . إلاّ أنّه قد يجاب - كما ذكر جملة من الأعلام - بأنّ كون « أمّا » للتفصيل أكثريّ لا دائميّ ، ولو سلم فليس ذكر المقابل في اللفظ بلازم ، بل قد يحذف لدلالة الكلام عليه ، ثمّ لو سلم بأنّ الآية من قبيل الجمع والتقسيم والتفريق ، فذكر المقابل على سبيل الاستئناف أو الحال أعني « يقولون آمنّا به . . . » كاف في ذلك . وأمّا الشواهد الخارجيّة ، فقد استندوا تارةً إلى أنّه لو كانت « الواو » للعطف للزم تشريك الراسخين في العلم بالتأويل ومنهم رسول الله صلّى الله عليه وآله ، بل هو أفضلهم ، وإلاّ فكيف يتصوّر أن ينزل القرآن على قلبه وهو لا يدري ما أُريد به ؟ ومن دأب القرآن إذا ذكر الأمّة أو وصف جماعة بوصف معيّن وفيهم رسول الله صلّى الله عليه وآله أن يفرده بالذِّكر أوّلاً ويميّزه بالشخص تشريفاً له وتعظيماً لأمره ، ثمّ يذكرهم جميعاً . كقوله تعالى : ( آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ) ( البقرة : 285 ) .
[1] روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ، مصدر سابق : ج 3 ص 84 .