عطف البعض على الكلّ مثلاً ، لأنّ هذا العلم بالنسبة إلى الله تعالى أوّلاً وبالذات ، وبالنسبة إلى سيّد الأنبياء ثانياً وبالعرض ، فيكون كنسبة علم المتعلِّم إلى المعلِّم . وهذا الوجه هو الظاهر من الآية المباركة ، وتدلّ عليه روايات كثيرة كما يأتي . وإنّما أتى بلفظ الجمع تعظيماً وإجلالاً وليشمل المصطفى سيّد المرسلين والمتّقين الذين هم في قمّة مقام اليقين بالنسبة إلى المعارف الربوبيّة . ولا فرق بين علمه صلّى الله عليه وآله بالتأويل وعلمه تعالى به إلاّ بالاعتبار ، لفرض أنّ علمه بالتأويل من علم الله تعالى . ولذا صار صلّى الله عليه وآله خاتماً لمن سبق وفاتحاً للعلوم والمعارف لمن لحق ، وهذا في الممكنات يختصّ به ، فهو الراسخ في علمي التنزيل والتأويل بحقيقة معنى الرسوخ علماً وعملاً » [1] . وذكر الآلوسي شواهد متعدّدة لترجيح هذا القول ، منها : « أوّلاً : فلأنّه لو أُريد بيان حظ الراسخين مقابلاً لبيان حظ الزائغين ، لكان المناسب أن يُقال : وأمّا الراسخون فيقولون . . . ثانياً : فلأنّه لا فائدة حينئذ في قيد الرسوخ ، بل هذا هو حكم العالمين كلّهم . ثالثاً : فلأنّه لا ينحصر حينئذ الكتاب في المحكم والمتشابه على ما هو مقتضى العبارة حيث لم يقل : ومنه متشابهات ، لأنّ ما لا يكون متّضح المعنى ويهتدي العلماء إلى تأويله وردّه إلى المحكم لا يكون محكماً ولا متشابهاً بالمعنى المذكور ، وهو كثير جدّاً .
[1] مواهب الرحمن في تفسير القرآن ، تأليف : فقيه عصره آية الله العظمى السيد عبد الأعلى الموسوي السبزواري قدّس سرّه ، مؤسّسة المنار ، الطبعة الثالثة : 1418 ه : ج 5 ص 39 .