أضعف ، والحقيقة هي الرقيقة بوجود أعلى وأشرف . وأخرى : من خلال البيان القرآني ، فإنّه بعد أن اتّضح أنّ وراء ما نقرؤه ونعقله من القرآن أمراً هو من القرآن بمنزلة الروح من الجسد ، وهو الذي تعتمد وتتّكي عليه معارف القرآن المنزّل ومضامينه ، وليس هو من سنخ الألفاظ المفرّقة المقطّعة ولا المعاني المدلول عليها بها ، نقول : إنّ نسبة التأويل إلى المعارف والمقاصد المبيّنة نسبة الممثّل إلى المثال ، وإنّ جميع المعارف القرآنيّة أمثال مضروبة للتأويل عند الله ، إلاّ أنّه لا بدّ من الالتفات إلى أنّ تأويل الآية وإن كان أمراً خارجيّاً نسبته إلى مدلول الآية نسبة الممثّل إلى المثل ، لكن ليس هو مدلولاً للآية بما لها من الدلالة . نعم ، هو محكيّ لها محفوظ فيها نوعاً من الحكاية والحفظ ، نظير قولك : « في الصيف ضيّعتِ اللبَنْ » [1] لمن أراد أمراً قد فوّت أسبابه من قبل ، فإنّ المفهوم المدلول عليه بلفظ المثل - وهو تضييع المرأة اللّبن في الصيف - لا ينطبق شيء منه على المورد ، وهو مع ذلك ممثّل لحال المخاطب حافظ له يصوّره في الذهن بصورة مضمّنة في الصورة التي يعطيها الكلام بمدلوله . كذلك أمر التأويل ، فالحقيقة الخارجيّة التي توجب تشريع حكم من الأحكام أو بيان أصل من أصول المعارف الإلهيّة أو وقوع حادثة هي مضمون قصّة من القصص القرآنيّة ، وإن لم يكن أمراً يدلّ عليه بالمطابقة نفس الأمر والنهي أو البيان أو الواقعة الكذائيّة ، إلاّ أنّ الحكم أو البيان أو الحادثة لمّا كان كلٌّ منها ينتشي منها ويظهر بها فهو أثرها الحاكي لها بنحو من الحكاية والإشارة ، كما أنّ قول السيّد لخادمه « اسقني » ينشأ عن اقتضاء
[1] فرائد اللآل في مجمع الأمثال ، تأليف : العلاّمة الفاضل الشيخ إبراهيم الطرابلسي : الباب العشرون « في ما أوّله فاء » ج 2 ص 54 .