المخبر به - على النحو المناسب لذلك - هو تأويله . ونكتة ذلك أنّ الخبر لمعناه صورة علميّة ، وجودها في نفس العالم كذهن الإنسان مثلاً . ولذلك المعنى حقيقة ثابتة في الخارج عن العلم ، واللّفظ إنّما يدلّ ابتداءً على المعنى الذهني ثمّ تتوسّط ذلك أو تدلّ على الحقيقة الخارجيّة . فالتأويل هو الحقيقة الخارجة ، وأمّا معرفة تفسيره ومعناه فهو معرفة الصورة العلميّة ، وهذا هو الذي أُشير إليه في نصوص قرآنيّة كثيرة من أنّ الله إنّما أنزل القرآن ليُعلم ويُفهم ويفقه ويتدبّر ويتفقّه فيه ، محكمه ومتشابهه ، وإن لم يُعلم تأويله إلاّ لمن اصطفاهم كما سيأتي لاحقاً . العلاقة بين التأويل والتنزيل قبل بيان العلاقة القائمة ما بين تأويل القرآن وتنزيله ، لا بدّ أن نستذكر ما تقدّم في مطاوي الأبحاث السابقة ، من أنّ المراد من نزول القرآن الكريم هو النزول على نحو التجلّي لا التجافي ، حيث قلنا إنّ من أهمّ خصائص النزول على نحو التجلّي هو أنّ الشيء إذا نزل إلى المرتبة الدانية فإنّه لا يفقد كينونته ووجوده في المرتبة العالية . على هذا فإنّ القرآن بعد نزوله إلينا في عالمنا المشهود لا يفقده وجوده في مرتبة الخزائن الإلهيّة . من هنا قد يتساءل عن العلاقة القائمة ما بين هاتين المرتبتين من القرآن ؟ والجواب عن ذلك : تارةً : من خلال البحث الفلسفي ، وهو أن يقال : إنّ هذا الكتاب الذي جُعل بلسان عربيٍّ مبين متّحد مع ما في اللّوح المحفوظ اتّحاد الحقيقة والرقيقة ، والثابت في البحث الفلسفي أنّ الرقيقة هي الحقيقة بوجود