وضعه إلى ما يحتاج في إثباته إلى دليل لولاه ما ترك ظاهر اللفظ » [1] . وقال في تفسير الميزان : « إنّ الحقّ في تفسير التأويل أنّه الحقيقة الواقعيّة التي تستند إليها البيانات القرآنية من حُكم أو موعظة أو حكمة ، وأنّه ليس من قبيل المفاهيم المدلول عليها بالألفاظ ، بل هو من الأمور الغيبيّة المتعالية عن أن تحيط بها شبكات الألفاظ ، وإنّما قيّدها الله سبحانه بقيد الألفاظ لتقريبها من أذهاننا بعض التقريب ، فهي كالأمثال تُضرب ليقرّب بها المقاصد وتوضّح بحسب ما يناسب فهم السامع . وقد عرفت فيما مرّ من البيان أنّ القرآن لم يستعمل لفظ التأويل في الموارد التي استعملها إلاّ في المعنى الذي ذكرناه » [2] . ومن أهمّ النتائج المترتّبة على هذا الاتّجاه ، أنّ التأويل لا يختصّ بالآيات المتشابهة فقط ، وإنّما هو شامل لجميع آيات القرآن ، محكمها ومتشابهها ، وهذا ما أُشير إليه في قوله تعالى : ( وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ ) ( الأعراف : 52 - 53 ) . الفرق بين التفسير والتأويل ممّا تقدّم يمكن القول إنّ التفسير هو الإحاطة بعلم القرآن من خلال معرفة معاني الكلام ، بخلاف التأويل فإنّه ليس من قبيل معرفة المفاهيم اللفظيّة ، بل هو من الأمور الخارجيّة العينيّة . ومن الواضح أنّ هناك فرقاً بين معرفة الخبر وبين وقوع المخبر به ، فمعرفة الخبر تفسير القرآن ومعرفة
[1] تفسير القرآن العظيم المعروف بتفسير المنار ، تأليف : الشيخ محمد رشيد رضا ، وهي مجموعة الدروس التي أخذها عن أستاذه الشيخ محمّد عبده ، تعليق وتصحيح : سمير مصطفى رباب ، دار إحياء التراث العربي ، لبنان ، الطبعة الأولى 1423 ه : ج 3 ص 153 . [2] الميزان في تفسير القرآن ، مصدر سابق : ج 3 ص 49 .