فالإمام وإن كان يعلم أنّ زيداً مثلاً سيموت في اليوم الكذائي والساعة الكذائيّة ، إلاّ أنّ هذا العلم يمكن أن يحصل فيه البداء فيموت في غير الوقت الذي علمه ؛ لعدم تحقّق الشرط أو وجود مانع ، فإذا بدا لله تعالى يطلعهم على ما بدا له في ذلك . وهذا هو العلم الحادث الذي عبّرت عنه النصوص بتعبيرات وصيغ مختلفة - كما تقدّم - . من هنا يتّضح عدم التعارض بين ما ورد من الروايات الدالّة على أنّ الله استأثر في علمه خمسة أشياء ، وهي : علم الساعة ، ونزول الغيث ، وما في الأرحام ، وما تدري نفسٌ ماذا تكسب غداً ، وما تدري نفسٌ بأيّ أرض تموت . من هذه الروايات : ما رواه علي بن إبراهيم في تفسيره في قوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) ( لقمان : 34 ) . قال : قال الصادق عليه السلام : « هذه الخمسة أشياء لم يطّلع عليها ملكٌ مقرّب ، ولا نبيٌّ مرسل ، وهي من صفات الله عزّ وجلّ » [1] . عن أبي الجارود عن الأصبغ بن نباتة قال : سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول : « إنّ لله علمين : علمٌ استأثر به في غيبه ، فلم يُطلع عليه نبيّاً من أنبيائه ولا ملكاً من ملائكته ، وذلك قول الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) . وله علمٌ قد أطلع عليه ملائكته ، فما أطلع عليه ملائكته فقد أطلع عليه محمّداً وآله ، وما أطلع عليه محمّداً وآله فقد أطلعني عليه يعلّمه