قال : بلى قبل أن يخلق الخلق » [1] . عن أبي بصير وسماعة عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال : « من زعم أنّ الله عزّ وجلّ يبدو له في شيء لم يعلمه أمس فابرؤوا منه » [2] . وهي واضحة الدلالة في أن المراد من البداء هو أن يظهر لله من المشيئة ما هو مخفيّ على الناس وعلى خلاف ما يحسبون . عن ابن سنان عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام يقول : « إنّ الله يقدّم ما يشاء ويؤخّر ما يشاء ، ويمحو ما يشاء ويُثبت ما يشاء وعنده أُمّ الكتاب . وقال : فكلّ أمر يريده الله فهو في علمه قبل أن يصنعه ، ليس شيء يبدو له إلاّ وقد كان في علمه ، إنّ الله لا يبدو له من جهل » [3] . ومن الواضح أنّ هذا المعنى من البداء لا محذور فيه لأنّه يثبت الخفاء للمخلوقين فقط ، لا لله تعالى . وهذا هو مقتضى القدرة الإلهيّة المطلقة ، لأنّ من يؤمن بالبداء فإنّه يدين له بالقدرة اللامتناهيّة ، وفي هذا بعض أسباب التأكيد على البداء . قال الشيخ البلاغي في رسالته عن البداء : « إذن فالفضل المذكور والأهمّية الكبرى للاعتراف بالبداء ، ما هو إلاّ لأنّه يرجع إلى الاعتراف بحقيقة الإلهيّة ، وأنّ الموجِد للعالم إنّما هو إله وموجِد بالإرادة والقدرة على مقتضى الحكمة ، متصرّف بقدرته بما يتراءى من العلل وتعليلاتها التي هي من صنعه وإيجاده ، والخاضعة لتصرّف مشيئته فيها » [4] .
[1] المصدر السابق : ج 1 ص 148 ، الحديث : 11 . [2] بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار ، مصدر سابق : ج 4 ص 111 ، كتاب التوحيد ، باب البداء والنسج ، الحديث : 30 . [3] المصدر السابق : ج 4 ص 121 ، الحديث : 63 . [4] رسالتان في البداء ، تأليف : الشيخ محمّد جواد البلاغي ( 1282 - 1352 ) السيّد أبو القاسم الموسوي الخوئي ( 1317 - 1413 ه - ) إعداد السيّد محمّد علي الحكيم ، قم ، 1414 ه : ص 23 .