كيف يعملون فيه ) إلى أنّ المراد هو الاحتمال الثاني . توضيحه : أنّ كثيراً من علمه عليه السلام ذلك كان مجملاً لا يعلم أيأمر بإمضائه وفعله وتركه أم لا يأمر ، أوَ يثبته أم يمحوه كما في العلم الذي يجري فيه البداء ، وإنّما يأتي الأمر في ليلة القدر بتفاصيل هذه الأمور في ليلة القدر ، وإنّما قال كثير من علمه ذلك جملاً ، لأنّ من علمه أيضاً كان مثبتاً لا يجري فيه البداء ، وكان الأمر به معلوماً لا يحتمل غيره » [1] . ثمّ رجع السائل فسأله بقوله : « فالذي كان يأتيه في ليالي القدر ما هو ؟ » للمبالغة في استعلام ما يأتيه فيها ، فأجابه عليه السلام بنحو ما أجابه سابقاً ، من أنّ الذي يأتيه هو « الأمر واليُسر » والمراد باليُسر هو التخفيف بالمحو ونحوه . ثمّ عاد السائل وقال : « فما يحدث لهم في ليالي القدر علمٌ سوى ما علموا » إشعاراً بأنّ هذا محال ; لأنّه تحصيل الحاصل ، ومبالغة في استعلام ما يحدث لهم فيها من الأوامر المخصوصة ، فأجابه عليه السلام صريحاً بأنّ هذا ، أي ما يحدث لهم من الأوامر ممّا أمروا بكتمانه وإظهار خصوصيّاته . ثمّ بيّن عليه السلام أنّه لا يعلم تفسير ما سأل عنه السائل من الأوامر المخصوصة والخصوصيّات التي تنزل فيها إلاّ الله تعالى . والحصر قد يكون حقيقيّاً فيكون المراد أنّه لا يعلم ما يصير محتوماً في ليلة القدر قبل أن يصير محتوماً إلاّ الله تعالى كما تقدّم ، وقد يكون إضافيّاً بالنسبة إلى غير الأولياء ، لأنّ عقول غيرهم لا تتحمّل ما تنزّل في ليالي القدر . والحاصل : أنّ المستفاد من هذا النصّ أنّهم عليهم السلام علموا المحتوم وغير المحتوم جميعاً ، لكن لا يجوز لهم العمل في غير المحتوم إلاّ بعد العلم
[1] شرح أصول الكافي والروضة ، مصدر سابق : ج 6 ص 16 .