تفسير ما سألت عنه إلاّ الله ) فمعناه أنّه لا يعلم ما يصير محتوماً في كلّ سنة قبل أن يصير محتوماً إلاّ الله تعالى . وأمّا قوله : ( لكنّهم لا يستطيعون إمضاء شيء منه حتّى يؤمروا في ليالي القدر ) فمعناه أنّه لا يجوز لهم العمل بمقتضى علمهم إلاّ بعد العلم بأنّه صار محتوماً ، وبعد الإذن في العمل » [1] . وعلى هذا فليس المراد أنّ الإمام عليه السلام كان يعلم المجمل قبل ليلة القدر ، ويحصل على التفسير والتفصيل في ليلة القدر ، كما لعلّه فهم السائل من كلام الإمام بقوله : « وكان كثير من علمه ذلك جملاً يأتي تفسيرها في ليلة القدر » وإنّما المراد أنّ الإمام وإن كان يعلم الإجمال والتفسير معاً كما في قوله عليه السلام : « لم يمت رسول الله صلّى الله عليه وآله إلاّ حافظاً لجملة العلم وتفسيره » وما يقف عليه في ليلة القدر هو إمضاء ما قد علمه من التفسير قبل ذلك . قال المازندراني : « ( وكان كثير من علمه ذلك جملاً يأتي تفسيرها في ليلة القدر ) يحتمل فيه احتمالان : الأوّل : أنّه يأتي تفسيرها وتفصيلها في ليلة القدر ، والثاني : أنّه يأتي الأمر بتفاصيلها ، حمله السائل على الأوّل واستفهم على سبيل التقرير ( أوَما كان في الجمل تفسير ) يريد أنّ فيها تفسيرها ، والنفوس القدسيّة إذا علمت الجملة فقد علمت تفسيرها أيضاً ، إمّا بنفس معرفة الجمل أو بأدنى التفات ، وذلك كما إذا نظرت إلى زيد فقد أبصرت كلّه إجمالاً وأبصرت أجزاءه وتفاصيله جميعاً عند إبصار واحد ، بل إبصار الكلّ والأجزاء إبصار واحد وإنّما يتفاوت بالاعتبار ، فأقرّ به عليه السلام بقوله : ( بلى ) وصدّقه ، وأشار بقوله : ( ولكنّه إنّما يأتي بالأمر من الله تعالى في ليالي القدر إلى النبيّ والأوصياء : افعل كذا وكذا ، لأمر قد كانوا علموه ، أمروا
[1] نقلاً عن مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول ، مصدر سابق : ج 3 ص 98 .