وصيّه » وهذا ما فصّلنا الكلام فيه في الفصول السابقة . ومن الواضح أنّ ذلك يشمل العلم الحادث الذي يرتبط بالأمور المستقبليّة أيضاً . الثاني : أنّ من علومهم التي تتعلّق بالأمور المستقبليّة أعني العلم الحادث ، ما لا يعلمونه بنحو الأمر المحتوم الذي لا تبديل فيه ، بل هو قابل للتغيير من قبله سبحانه ، لذا نجد أنّ الإمام أكّد هذه الحقيقة مرّة بعد أخرى بقوله : « لكنّهم لا يستطيعون إمضاء شيء منه حتّى يُؤمروا » . الثالث : أنّ إمضاء وحتم ما علموه من الأمور المستقبليّة من خير وشرّ وطاعة ومعصية ، وحياة وموت ورزق ونحوها ، إنّما يحصل لهم عليهم السلام في ليلة القدر من كلّ سنة ، وهذه أهمّ خصوصيّة في هذه الليلة بالنسبة إلى الأوصياء عليهم السلام . من هنا قد يقال إنّ المراد بالجمل في قوله عليه السلام : « وكان كثير من علمه ذلك جُملاً » ما يقبل البداء من الأمور المستقبليّة ، وبالتفسير في قوله : « ويأتي تفسيرها في ليلة القدر » هو تعيين وتفصيل ما هو محتوم وما يقبل البداء . قال الفاضل الأسترآبادي : « يفهم من كلامه عليه السلام أنّ الله تعالى علّم النبيّ صلى الله عليه وآله جلّ نقوش اللوح المحفوظ المتعلّقة بما مضى وما سيكون ، ونقوش اللوح المحفوظ قسمان : قسم منه لله فيه المشيئة والبداء يجري فيه ، وقسمٌ محتوم لا يجري فيه البداء . والنقوش المتعلّقة بكلّ سنة تصير محتومة في ليلة القدر ، وتنزّل الملائكة والروح فيها بالإذن فيما صار محتوماً . وأمّا قوله عليه السلام : ( وهذا ممّا أمروا بكتمانه ) فمعناه أنّهم مأمورون بكتمان خصوصيّات ما ينزل عليهم في ليلة القدر . وأمّا قوله : ( ولا يعلم