بالغيب ، كما أنّ الإنسان من حيث طبيعته الأوّليّة لا يقتضي الوجود ولا العدم ، وهذا لا ينافي إفاضة الوجود عليه من قبل الله تعالى . قال الطباطبائي : « فالمراد بنفي علم الغيب نفي أن يكون مجهّزاً في وجوده - بحسب الطبع - بما لا يخفى عليه معه ما لا سبيل للإنسان - بحسب العادة - إلى العلم به من خفيّات الأمور كائنة ما كانت » [1] . فتحصّل أنّ الآيات الدالّة على نفي علم الغيب لغير الله تعالى تشير إلى هذه الحقيقة ، وهي أنّ غير الله تعالى لا تقتضي طبيعته الأوّلية أن يكون عالماً بالغيب ، وليست بصدد القول إنّ غير الله تعالى من أنبياء وأولياء لا يعلمون الغيب ولو بإفاضة من الله تعالى ، وهذا ما تقدّم التصريح به في مواضع من كلامه سبحانه كقوله : ( فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ) . أمّا النصوص الروائيّة فهناك عدد من الروايات التي استدلّ بها لنفي علم أهل البيت بالغيب : عن ابن أبي عمير عن ابن المغيرة قال : « كنت عند أبي الحسن عليه السلام أنا ويحيى بن عبد الله بن الحسن فقال يحيى : جُعلت فداك إنّهم يزعمون أنّك تعلم الغيب ؟ فقال : سبحان الله ! ضع يدك على رأسي ، فوالله ما بقيت في جسدي شعرة ولا في رأسي إلاّ قامت . قال ثمّ قال : لا والله ما هي إلاّ رواية عن رسول الله صلّى الله عليه وآله » [2] . عن ابن أبي عمير عن شعيب عن أبي بصير قال : « قلت لأبي عبد الله
[1] الميزان في تفسير القرآن ، مصدر سابق : ج 7 ص 96 . [2] بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار ، مصدر سابق : ج 25 ص 293 ، كتاب الإمامة ، باب نفي الغلوّ في النبيّ والأئمّة ، الحديث : 50 .