نشاهده في اليقظة ثمّ يسدّده الله سبحانه بإفاضته على نفسه اليقين بأنّه من جانب الله سبحانه لا من تصرّف الشيطان . وأمّا التحديث فهو سماع صوت الملك غير أنّه بسمع القلب دون سمع الحسّ ، وليس من قبيل الخطور الذهني الذي لا يسمّى سمع صوت إلاّ بنحو من المجاز البعيد ، ولذلك ترى أنّ الروايات تجمع فيه بين سماع الصوت والنكت في القلب ؛ عن أبي بصير عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال : « كان عليّ محدَّثاً ، وكان سلمان محدَّثاً » قال قلت : فما آية المحدَّث ؟ قال : يأتيه المَلك فينكت في قلبه كيت كيت » [1] وتسمّيه مع ذلك تحديثاً وتكليماً ، فالمحدّث يسمع صوت الملك في تحديثه ويعيه بسمعه نظير ما نسمعه ويسمعه من الكلام المعتاد والأصوات المسموعة في عالم المادّة ، غير أنّه لا يشاركه في ما يسمعه من كلام المَلك غيره ، ولذا كان أمراً قلبيّاً » [2] . وأمّا علم المحدَّث بأنّ ما حُدِّث به هو من كلام الملك لا من نزغة الشيطان ، فهذا ما أشارت إليه بعض النصوص من قبيل ما ورد عن محمّد بن مسلم قال : « ذكر المحدّث عند أبي عبد الله الصادق عليه السلام فقال : إنّه يسمع الصوت ولا يرى الشخص ، فقلت له : جعلت فداك كيف يعلم أنّه كلام الملك ؟ قال : إنّه يعطى السكينة والوقار حتّى يعلم أنّه كلام ملك » [3] . فإذا حصل للإنسان سكينة وطمأنينة عند إلقاء حديث أو خاطر فإنّه يدلّ على كون تلك الإلقاءات رحمانيّة ؛ لقوله تعالى : ( أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ
[1] بصائر الدرجات ، مصدر سابق : ج 2 ص 114 ، باب أنّ المحدّث كيف صفته ، الحديث : 1153 . [2] الميزان في تفسير القرآن ، مصدر سابق : ج 3 ص 220 . [3] الأصول من الكافي : ج 1 ص 271 ، كتاب الحجّة ، باب أنّ الأئمّة محدّثون مفهمون ، الحديث : 4 .