عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال : « قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام : بينا أبي عليه السلام يطوف بالكعبة إذا رجلٌ معتجرٌ ( الاعتجار التنقّب ببعض العمامة ) قد قيّض له فقطع عليه أسبوعه فقال : يا أبا جعفر أخبرني عن العلم الذي ليس فيه اختلاف ، من يعلمه ؟ قال : أمّا جملة العلم فعند الله جلّ ذكره ، وأمّا ما لا بدّ للعباد منه فعند الأوصياء ؟ قال : ففتح الرجل عجيرته واستوى جالساً وتهلّل وجهه وقال : هذا أردت ولها أتيت ، زعمتَ أنّ علم ما لا اختلاف فيه من العلم عند الأوصياء ، فكيف يعلمونه ؟ قال : كما كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يعلمه ، إلاّ أنّهم لا يرون ما كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يرى ، لأنّه كان نبيّاً وهم محدَّثون . . . » [1] . تعرّضت هذه النصوص للفرق بين النبيّ والرسول من جهة ، والفرق بين الوحي والتحديث من جهة أخرى ، وهذا ما سنحاول الوقوف عليه : « أمّا الوحي - بمعنى تكليم الله سبحانه لعبده - فهو يوجب العلم اليقيني بنفس ذاته من غير حاجة إلى حجّة ، فمَثَلَه في الإلقاءات الإلهيّة مثل العلوم البديهيّة التي لا تحتاج في حصولها للإنسان إلى سبب تصديقيّ كالقياس ونحوه . وأمّا المنام فالروايات - كما ترى - تفسّره بمعنىً غير المعهود منه ، أعني الرؤيا يراها الإنسان في النوم العادي العارض له في يومه وليلته ، بل هو حال يُشبه الإغماء ، تسكن فيه حواسّ الإنسان فيشاهد عند ذلك نظير ما
[1] الأصول من الكافي ، مصدر سابق : ج 1 ص 242 ، كتاب الحجّة ، باب في شأن إنّا أنزلناه في ليلة القدر ، الحديث : 1 .