الْقُلُوبُ ) ( الرعد : 28 ) ، كما أنّ الاضطراب والقلق دليل كونه إلقاءً شيطانيّاً .
نعم ، يبقى هناك تساؤل يطرح من خلال ما أشارت إليه النصوص المتقدِّمة ، وهو ما معنى أنّ المحدّث يسمع ولا يرى ، فهل المقصود أنّ المحدَّث لا يرى مطلقاً ، أو أنّه لا يرى من جهة كونه محدَّثاً وإن كان يمكن أن يرى المَلك ويعاينه لا من تلك الجهة ؟
والجواب : إنّ ذلك محمول على الجهة دون التمانع بين المعنيين ، بمعنى أنّ الملاك في كون الإنسان محدّثاً أن يسمع الصوت من غير لزوم الرؤية ، فإن اتّفق أنّ شاهد المَلك حينما يسمع الصوت فليس ذلك لأنّه محدَّث ; وذلك لأنّ الآيات صريحة في رؤية بعض المحدّثين للملائكة حين التحديث كقوله تعالى في مريم عليها السلام : ( أَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا ) ( مريم : 17 - 19 ) ، وقوله تعالى - في زوجة إبراهيم عليه السلام في قصّة البشارة - : ( وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ * فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ * وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَي أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) ( هود : 69 - 73 ) .
وهذا ما صرّحت به النصوص الروائيّة بشكل واضح ، منها :
عن عبد الله بن النجاشي عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال قال : « فينا والله من ينقر في أذنه وينكت في قلبه وتصافحه الملائكة » [1] .

[1] بصائر الدرجات الكبرى ، مصدر سابق : ج 2 ص 106 ، باب ما يفعل بالإمام من النكت والقذف والنقر في قلوبهم ، الحديث : 1136 .

245