كثيرة ، فالفرد الذي في النبيّ صلّى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام أو الصنف الذي فيهم لم يكن مع من مضى . وعلى القول بالصنف يرتفع التنافي بين ما دلّ على كون نقل الروح إلى الإمام بعد فوت النبيّ صلّى الله عليه وآله ، وبين ما دلّ على كون الروح مع الإمام من عند ولادته ، فلا تغفل » [1] . إلاّ أنّه يمكن أن يقال : إنّ الاختلاف ليس فرديّاً أو صنفيّاً وإنّما هو على أساس المراتب التشكيكيّة والمتفاوتة لحقيقة الروح عند الأنبياء وعند رسول الله صلّى الله عليه وآله من حيث تجلّياتها ومظاهرها في هذا العالم ، فهي حقيقة واحدة والفارق في الشدّة والضعف ، فما يتمتّع به النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله هو أكمل مراتب الروح القدسيّة ، وتتفاوت في الأنبياء والأولياء بحسب مقاماتهم ودرجاتهم ، وعلى أساس ذلك يتفاضل الأنبياء فيما بينهم ، قال تعالى : ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) ( البقرة : 253 ) ، وقال : ( وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ ) ( الإسراء : 55 ) . وما تقدّم سابقاً من تناقض روح الإيمان عند صدور المعصية من المؤمن ، خيرُ شاهد على أنّ الحقيقة الواحدة تقوى وتضعف ، وهذا هو حال الملكات العلميّة والعمليّة جميعاً ، فليست ملكة الاجتهاد مثلاً بمرتبة واحدة عند جميع المجتهدين ، ولا ملكة العدالة متساوية النسبة بين العدول ، بل هي متفاوتة شدّةً وضعفاً مع كون الحقيقة التي يتجلّى بها الجميع واحدة . ومنه يتّضح لنا التوفيق بين ما دلّ من النصوص على أنّ روح القدس تنتقل إلى الإمام بعد رحلة الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله أو الإمام السابق وبين ما تصرّح نصوص أخرى بأنّ هذه الروح تصاحب المعصوم
[1] بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار ، مصدر سابق : ج 25 ص 67 ، كتاب الإمامة ، باب الأرواح التي فيهم وأنّهم مؤيّدون بروح القدس .