الله تبارك وتعالى أيّد المؤمن بروح منه تحضره في كلّ وقت يُحسن فيه ويتّقي ، وتغيب عنه في كلّ وقت يذنب فيه ويعتدي ، فهي معه تهتزّ سروراً عند إحسانه ، وتسيخ في الثرى عند إساءته ، فتعاهدوا عباد الله نعمه بإصلاحكم أنفسكم تزادوا يقيناً وتربحوا نفيساً ثميناً . . . » [1] . من هنا يمكن للمتدبّر أن يحدس أنّ هذه الحياة التي أثبتها تعالى للمؤمن حياة خاصّة زائدة على الحياة العامّة التي يشترك فيها المؤمن والكافر ، فإنّ خاصّة الحياة إنّما تترشّح من الروح ، واختلاف الخواصّ يؤدّي إلى اختلاف المبادئ . نعم ، هذه الروح الخاصّة ليست مغايرة للروح العامّة بالعدد ، بل هي مغايرة لها بحسب المرتبة ، كما وقع نظيره في الرواية حيث عدّت روح الحركة مغايرة لروح الشهوة ، مع أنّ المغايرة بينهما إنّما هي بحسب المرتبة دون العدد . وهذا هو حال الروح الخاصّة بالأنبياء والأوصياء بالنسبة إلى نفوسهم الشريفة . ومنه يتّضح السبب في اختلاف النصوص في التعبير عن الروح القدسيّة تارةً بأنّها معهم تسدّدهم وتخبرهم ، وأخرى بأنّها فيهم . السؤال الثالث : كيف يمكن التوفيق بين النصوص الدالّة على اختصاص روح القدس بالرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام من بعده ، وبين النصوص الدالّة على أنّ هذه الروح القدسيّة هي عند الأنبياء والأوصياء جميعاً ؟ أُجيب عن هذا التساؤل في كلمات الأعلام بعدّة وجوه ، إلاّ أنّ أفضلها ما ذكره المجلسي في هذا المجال : « أن يكون روح القدس نوعاً تحته أفراد
[1] المصدر السابق : ج 2 ص 268 ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الروح الذي أيّد به المؤمن .