وهكذا بالنسبة إلى الروح ، فإلى جانب كونه خلقاً من خلق الله تعالى أعظم من جبرئيل وميكائيل كما نطقت به النصوص المتقدّمة ، يكون مظهره وتجلّيه في شخصيّة النبيّ والوصيّ ، فهو قوّة قدسيّة فيه كواحدة من قواه تمنحه العلم والفهم وتعصمه من الضلال في العلم والعمل والسلوك . وهذا ما دلّت عليه شواهد متعدّدة في النصوص المشار إليها ، منها : التعبير الوارد في بعضها « وإنّه لفينا » . التعبير بأنّه « جعل في الأنبياء خمسة أرواح » . الرواية الواردة عن محمّد الحلبي عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال : « إنّ الله تبارك وتعالى أحدٌ صمد - والصمد الشيء الذي ليس له جوف - وإنّما الروح خلقٌ من خلقه له بصرٌ وقوّة وتأييد ، يجعله الله في قلوب الرُّسل والمؤمنين » [1] . فهذه الشواهد تشير بشكل واضح إلى أنّ هذه الروح الخامسة هي تعبير آخر عن قوّة قدسيّة تختصّ بالأنبياء والأوصياء ، وتكون شأناً من شؤونهم التي تميّزهم عن غيرهم ، وهذا لا ينافي أنّ هذه القوّة في حقيقتها مخلوق مستقل كسائر المخلوقات الأخرى . ولعلّ خير دليل على ذلك ما أشارت إليه هذه النصوص من تقسيم الأرواح إلى روح الحياة وروح القوّة وروح الشهوة ، ومن الواضح أنّ هذه الأرواح ليست وجودات مستقلّة بعضها عن بعض ، بل هي شؤون النفس الإنسانيّة التي هي مبدأ آثار مختلفة ومتنوّعة . والحاصل أنّ نسبة هذه الروح إلى نفس النبيّ والوصيّ هي كنسبة روح
[1] بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار ، مصدر سابق : ج 25 ص 70 ، كتاب الإمامة ، باب الأرواح التي فيهم ، الحديث : 57 .