بن مسلم عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : « لمّا خلق الله العقل استنطقه ثمّ قال له : أقبِل فأقبل ، ثمّ قال له : أدبِر فأدبر . ثمّ قال : وعزّتي وجلالي ما خلقتُ خلقاً هو أحبُّ إليَّ منك ولا أكملتك إلاّ فيمن أحبّ ، أما إنّي إيّاك آمر وإيّاك أنهى وإيّاك أُعاقب وإيّاك أثيب » [1] . وفي الوقت ذاته نجد العقل واحداً من أهمّ قوى الإنسان ، وبه يمتاز عن غيره ، وهو القوّة الفاعلة في التمييز بين الحقّ والباطل والخير من الشرّ وبه بلغ الإنسان ما بلغ من الرقيّ والتقدّم . عن الحسن بن عمّار عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام في حديث طويل : « إنّ أوّل الأمور ومبدأها وقوّتها وعمارتها التي لا ينتفع شيء إلاّ به ، العقل الذي جعله الله زينةً لخلقه ونوراً لهم . فبالعقل عَرف العباد خالقهم وأنّهم مخلوقون وأنّه المدبِّر لهم وأنّهم المدبَّرون وأنّه الباقي وهم الفانون ، واستدلّوا بعقولهم على ما رأوا من خلقه ، من سمائه وأرضه وشمسه وقمره وليله ونهاره ، وبأنّ له ولهم خالقاً مدبِّراً لم يزل ولا يزول ، وعرفوا به الحسن من القبيح ، وأنّ الظلمة في الجهل وأنّ النور في العلم ، فهذا ما دلّهم عليه العقل » [2] . وهذا معناه أنّ العقل الذي يتمتّع به الإنسان الذي به يؤمر وينهى ويثاب ويعاقب ، ما هو إلاّ مظهر وتجلٍّ لتلك الحقيقة المستقلّة المسمّاة بالعقل ، وأنّه أوّل ما خلق الله كما في رواية سماعة بن مهران عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنّه قال : « إنّ الله عزّ وجلّ خلق العقل - وهو أوّل خلق من الروحانيّين - عن يمين العرش من نوره . . . » [3] .
[1] الأصول من الكافي ، مصدر سابق : ج 1 ص 10 ، كتاب العقل والجهل ، الحديث : 1 . [2] المصدر السابق : ج 1 ص 28 ، كتاب العقل والجهل ، الحديث : 28 . [3] المصدر السابق : ج 1 ص 20 ، الحديث : 14 .