وللعاقل المنصف أن يجعل نفس هذه الأحاديث دليلاً على إمامة الأئمّة عليهم السلام وكونهم مؤيّدين بروح القدس الذي ذكره في هذه الأحاديث ، ولولا ذلك كانوا يعتقدون اعتقاد سائر علماء العامّة ولم يعرفوا أسرار النفوس ودرجاتها في الفضائل ومراتب ارتقائها إلى قُرب ربّ العالمين ، كما لم يكن يعرف ذلك سائر منتحلي العلم » [1] . حقيقة الروح التي هي مع أئمّة أهل البيت استفاضت النصوص الروائيّة التي تحدّثت عن الروح ، مبيّنة حقيقتها ودورها ومراتبها ، لذا سنحاول الوقوف على أهمّ الروايات الواردة في هذا المجال . عن ابن مسكان عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد الله الصادق عليه السلام عن قول الله عزّ وجلّ : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ) ( الإسراء : 85 ) . قال : خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل . . . وهو من الملكوت » [2] . والرواية تشير إلى أمرين أساسيّين : الأوّل : أنّ الروح من عالم الملكوت ، وهو المراد من الأمر في قوله تعالى : ( قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ) والمقصود بالأمر هنا هو عالم الأمر الذي هو عالم المجرّدات في قبال عالم الخلق الذي هو عالم الجسمانيّات ، كما قال المازندراني [3] .
[1] حاشية الشعراني على شرح أصول الكافي ، للمازندراني : ج 6 ص 68 . [2] الأصول من الكافي ، مصدر سابق : ج 1 ص 273 ، كتاب الحجّة ، باب الروح التي يسدّد الله بها الأئمّة ، الحديث : 3 . [3] شرح أصول الكافي والروضة ، مصدر سابق : ج 6 ص 65 .