النسيان من عوارض القلب وعماه كما هو الذِّكر من خواصّه ولوازمه » [1] . وقال الطباطبائي معلِّقاً على قوله تعالى : ( قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا ) : يسبق إلى الذهن أنّ عمى يوم القيامة يتعلّق ببصر الحسّ ، فإنّ الذي يسأل عنه هو ذهاب البصر الذي كان له في الدُّنيا وهو بصر الحسّ دون بصر القلب الذي هو البصيرة ، فيشكل عليه ظاهر ما دلّ على أنّ المجرمين يبصرون يوم القيامة أهوال اليوم وآيات العظمة والقهر كقوله تعالى : ( إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا ) ( ألم السجدة : 12 ) . [2] قوله تعالى : ( خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) ( البقرة : 7 ) ، وهي واضحة الدلالة في أنّ الختم هو على السمع والبصر الباطني لا الظاهري ، لأنّ الحواسّ الظاهريّة من السمع والبصر لا توجد فيها غشاوة وختم . وهذا يكشف عن وجود أدوات باطنيّة غير الأدوات الظاهريّة . قوله تعالى : ( اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) ( البقرة : 257 ) ، حيث أشارت إلى وجود نوعين من النور : أحدهما : النور الظاهري المادّي الذي بواسطته يمكن الذي رؤية الأشياء المادّية . والثاني : هو النور الباطني الذي يكون سبباً لإخراج الإنسان من
[1] تفسير المحيط الأعظم والبحر الخضمّ ، مصدر سابق : ج 1 ص 274 . [2] الميزان في تفسير القرآن ، مصدر سابق : ج 14 ص 226 .