تعالى : ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ ) ( ق : 37 ) بالعقل [1] . وهذا ما يفسّر لنا ما نسب إلى الشيخ ابن سينا من أنّ الإدراك للقلب وأنّ دخالة الدماغ في ذلك إنّما هو بمنزلة الآلة والوساطة [2] . وثالثة : يُطلق ويُراد به مركز المعارف غير الحسّية وغير العقليّة كما في قوله تعالى : ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِك ) ( الشعراء : 193 - 194 ) ، فالقرآن الكريم نزل على قلب النبيّ صلّى الله عليه وآله لا بقوّة العقل والاستدلال العقلي ، وإنّما حصلت هذه المعارف للنبيّ صلّى الله عليه وآله بمشاهدته القلبيّة لتلك الحقائق . وهذا المعنى من القلب هو حقيقة النفس الإنسانيّة التي نسب إليها القرآن الرؤية . أمّا النصوص القرآنيّة فهي : قال تعالى : ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) ( الأعراف : 179 ) . ومن الواضح أنّ الجنّ والإنس لهم أعين وآذان ظاهريّة ينظرون ويسمعون بها ، ومع ذلك نجد القرآن الكريم يستنكر عليهم ويقول لهم أعين وآذان لكن لا يبصرون ولا يسمعون بها ، وهذا يكشف عن أنّ ثمّة رؤية وسمعاً غير الرؤية والسمع الظاهريين ، كما في قوله تعالى : ( وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ) ( الأعراف : 198 ) ، وقوله : ( مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ) ( النجم : 11 ) .
[1] الأصول من الكافي ، مصدر سابق : كتاب العقل والجهل : ج 1 ص 16 . [2] الميزان في تفسير القرآن ، مصدر سابق : ج 2 ص 225 .