كمال » [1] . وبهذا يتبيّن أنّ درجات العلم والمعرفة متعدّدة ، حيث تبدأ بالعلم الحصولي الفكري المصطلح عليه بعلم اليقين ، وتنتهي عند أعلى المراتب التي هي حقّ اليقين . ولعلّ في الآيات التالية ما يشير إلى هذه المراتب : قال تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) ( البقرة : 258 ) . وقال : ( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ) ( البقرة : 259 ) . وقال : ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) ( البقرة : 260 ) . قال الطباطبائي في ذيل هذه الآيات الثلاث : « إنّ الله سبحانه لمّا ذكر قوله : ( اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ) ( البقرة : 257 ) ، حيث بيّن أنّه يهدي المؤمنين إلى الحقّ ، ثمّ ذكر لذلك شواهد ثلاثة يبيّن بها أقسام هدايته تعالى ، وهي مراتب ثلاث مترتّبة : الأولى : الهداية إلى الحقّ بالبرهان والاستدلال كما في قصّة الذي حاجَّ إبراهيم في ربّه . الثانية : الهداية إلى الحقّ بالإرائة والإشهاد كما في قصّة الذي مرَّ على قرية وهي خاوية على عروشها .
[1] الميزان في تفسير القرآن ، مصدر سابق : ج 6 ص 171 .