الفوارق الموجودة بينها ، وذلك بمقتضى قانون التكامل التدريجي للإنسان ، وحيث إنّ كلّ شريعة جديدة ترتقي بالإنسان إلى مرحلة أسمى من مراحل الرقيّ والكمال الإنساني ، وتشتمل على خطط وبرامج أكثر شمولاً وتطوّراً . وبهذا يتّضح بعض معاني هيمنة هذا الكتاب العظيم على جميع الكتب السابقة ، فإنّه يحافظ على أصولها الثابتة التي لا تتغيّر مع أيّ شريعة ، وينسخ منها ما يجب نسخه إلى خير منه ، ليكون حكماً يناسب كلّ عصر وزمان . فالهيمنة معنويّة لا مادّية ، والدليل على ذلك ما تقدّم من قوله تعالى : ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) ( النحل : 89 ) ، لذا جاء في الرواية عن سعد الإسكاف قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : « أُعطيت السور الطوال مكان التوراة ، وأُعطيت المئين مكان الإنجيل ، وأُعطيت المثاني مكان الزبور ، وفُضّلت بالمفصّل ثمان وستّون سورة ، وهو مهيمن على سائر الكتب . . . » [1] . وكذلك ما ورد في الاحتجاج عن معمّر بن راشد قال : « سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وقد ذكر الأنبياء صلوات الله عليهم : وإنّ الله عزّ وجلّ جعل كتابي المهيمن على كتبهم الناسخ لها . . . » [2] . وانطلاقاً من أنّ كتاب كلّ نبيّ يمثِّل الدرجة العلميّة لذلك النبيّ ، يتّضح أنّ نبيّنا صلّى الله عليه وآله أعلم الأنبياء جميعاً ، لأنّ القرآن الذي أُنزل على النبيّ صلّى الله عليه وآله فيه تبيان كلّ شيء كما هو واضح ، فالنبيّ صلّى الله
[1] الأصول من الكافي : ج 2 ص 601 ، كتاب فضل القرآن ، الحديث : 10 . [2] الاحتجاج ، الشيخ الطبرسي ، تحقيق : السيد محمد باقر الخرسان ، طبعة سنة 2007 م ، دار النعمان ، النجف الأشرف : ج 1 ، ص 57 .