لَمِنَ الصَّالِحِينَ ) ( العنكبوت : 27 ) ، وقال : ( وَآَتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ) ( النحل : 122 ) . « فإذا تأمّلت ذلك حقّ التأمّل قضيت بأنّ الصلاح ذو مراتب بعضها فوق بعض ، ولم تستبعد لو قرع سمعك أنّ إبراهيم الخليل عليه السلام سأل اللحوق بمحمّد صلّى الله عليه وآله وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام ، فأُجيب إلى ذلك في الآخرة لا في الدُّنيا ، فإنّه عليه السلام يسأل اللحوق بالصالحين ومحمّد صلّى الله عليه وآله يدّعيه لنفسه ؛ قال تعالى : ( إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ) ( الأعراف : 196 ) ، فإنّ ظاهر الآية أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله يدّعي لنفسه الولاية ، وهذا معناه أنّه صلّى الله عليه وآله هو المتحقّق بالصلاح الذي يدّعيه بموجب الآية لنفسه وإبراهيم عليه السلام كان يسأل الله اللحوق به » [1] . الأعلميّة أوضح مصاديق الأفضليّة بعد أن ثبت أنّ الخاتم صلّى الله عليه وآله هو الأفضل مطلقاً ، فمن أوضح مصاديق ذلك هو أعلميّته على جميع الأوّلين والآخرين ، وهذا ما بيّنته الآيات القرآنية وأكّدته النصوص الروائيّة . فمن الآيات قوله تعالى : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ) ( المائدة : 48 ) ، ومحلّ الشاهد قوله « مهيمناً » . قال الغزالي : « كلّ شرف على كنه الأمر مستولٍ عليه حافظ له فهو مهيمن عليه . من هنا أنّ كلّ من أشرف على أغوار شيء وأسراره ، واستولى
[1] الميزان في تفسير القرآن ، مصدر سابق : ج 1 ص 305 .