حاز أعلى مراتب العبوديّة والقُرب الإلهي . وهذا ما أكّدته الآيات والنصوص الروائيّة : منها : أنّ القرآن الكريم لم يستعمل لفظ « العبد » من دون تقييد إلاّ في الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله كما في قوله تعالى : ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) ( الإسراء : 1 ) ، وهذا بخلاف ما لو ذكر اسم « العبد » في غيره صلّى الله عليه وآله فإنّه يذكر ذلك مع ذكر اسم ذلك النبيّ أو أيّ قرينة تدلّ عليه ، كما في قوله تعالى : ( وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ ) ( ص : 45 ) ، وقوله : ( لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ ) ( النساء : 172 ) ، فلو لم يذكر المسيح عليه السلام لم يعرف بأنّه هو المقصود ، كذلك قوله تعالى : ( وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ) ( ص : 17 ) ، فبيّن مراده من العبد هنا وهو داود عليه السلام ، وهكذا قال : ( وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ ) ( ص : 41 ) ، وقال : ( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا ) ( القمر : 9 ) . ومعنى ذلك أنّ القرآن كلّما استخدم لفظ « العبد » وأراد واحداً من الأنبياء غير الخاتم صلّى الله عليه وآله ، فإنّه يذكر اسم ذلك النبيّ أو أيّ قرينة أخرى تدلّ على مراده ، أمّا إذا جاء بلفظ « العبد » من دون تقييد فإنّه يدلّ على أنّ مراده من ذلك هو الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله ، كما في قوله : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ) ( الكهف : 1 ) ، وقوله : ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ) ( الفرقان : 1 ) ، وقوله : ( فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ) ( النجم : 10 ) ، وقوله : ( هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ) ( الحديد : 9 ) ، وقوله : ( وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى