الدليل الثالث قوله صلّى الله عليه وآله في حديث الثقلين : « وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض » . وتقريب الاستدلال أن يُقال : لو لم يكن لدى أهل البيت عليهم السلام علم الكتاب كلّه ، للزم أحد احتمالين : الأوّل : أن يكون إخباره صلّى الله عليه وآله « بأنّهما لن يفترقا » إخباراً مخالفاً للواقع ، إمّا عمداً أو سهواً واشتباهاً . الثاني : أن يكون القرآن الذي أخبر عن نفسه بأنّ فيه تبيان كلّ شيء ، مخالفاً للواقع ونفس الأمر . وكلا الاحتمالين باطل جزماً . أمّا الاحتمال الأوّل ، فهو باطل عقلاً ونقلاً . أمّا عقلاً فلأنّه لو لم يكن الرسول صلّى الله عليه وآله معصوماً - ولو في مجال التبليغ على الأقلّ - للزم نقض الغرض ، ولذا أجمعت كلمة علماء المسلمين على عصمة النبيّ صلّى الله عليه وآله في مقام التبليغ ، وحديث الثقلين إنّما صدر في مثل هذا السياق كما هو واضح من قوله صلّى الله عليه وآله للمسلمين : « ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً » وهو إبلاغ وإخبار بوجوب الرجوع إلى الكتاب والعترة . ولقائل أن يقول - كما ذكر بعض علماء السنّة - : إنّ الثابت أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله لا يتعمّد الكذب في مقام التبليغ ، وأمّا في غير حال التعمّد فلا دليل على نفيه . قال الشوكاني : « وهكذا وقع الإجماع على عصمتهم بعد النبوّة من تعمّد الكذب في الأحكام الشرعيّة لدلالة المعجزة على صدقهم ،