وقد تظافرت الروايات على أنّ المقرّبين في هذه الأمّة هم النبيّ صلّى الله عليه وآله وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام [1] . ولعلّ في قوله تعالى : ( وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ) ( يس : 12 ) ما يدلّ على هذه الحقيقة القرآنيّة ، فقد تظافرت النصوص الروائيّة في ظلال هذه الآية أنّ المقصود من ذلك هو الإمام عليّ عليه السلام . في معاني الأخبار بإسناده عن أبي الجارود عن أبي جعفر الباقر عن أبيه عن جدّه عليهم السلام قال : « لمّا نزلت هذه الآية على رسول الله صلّى الله عليه وآله : ( وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ) قام رجلان فقالا : يا رسول الله هو التوراة ؟ قال : لا . قالا : هو الإنجيل ؟ قال : لا . قالا : فهو القرآن ؟ قال : لا . قال : فأقبل أمير المؤمنين عليه السلام فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : هو هذا ، إنّه الإمام الذي أحصى الله تبارك وتعالى فيه علم كلّ شيء » [2] . لكن لا يخفى أنّ هذه الروايات ليست بصدد تفسير الآية ، بل مضمونها يعدّ من البطن - وسيأتي البحث عن ذلك لاحقاً - ولا مانع من أن يرزق الله عبداً - وحّده وأخلص العبادة له - العلم بما في الكتاب المبين ، وهو عليه السلام سيِّد الموحّدين وإمام المتّقين بعد النبيّ صلّى الله عليه وآله . وإلاّ فمقتضى ظاهر الآية أنّ المراد من قوله : ( إِمَامٍ مُبِينٍ ( هو اللوح المحفوظ من التغيير الذي يشتمل على تفصيل قضائه في خلقه فيحصي كلّ شيء ، وقد تقدّم أنّ الكتاب المبين له أسماء مختلفة ، كلّ منها بعناية وحيثيّة خاصّة ، ومنها أنّه ( إِمَامٍ مُبِينٍ ( ولعلّ العناية في هذه التسمية هو اشتماله على
[1] البرهان في تفسير القرآن ، مصدر سابق : ج 7 ص 406 ، ج 8 ص 235 . [2] المصدر السابق : ج 6 ص 386 .