المقولة الخامسة : دعوى التفويض الاستقلالي من مقولات الغلاة قولهم بأنّ الله تعالى فوّض إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام أمر الخلق من الإحياء والإماتة والرزق والإعطاء والمنع ونحوها ، وكذلك فوّض تعالى أمر التشريع للنبيّ والأئمّة عليهم السلام ، فهم يدبّرون أمر الخلق سواء كان في عالم التكوين أم في عالم التشريع استقلالاً . قال الأشعري : « والصنف الخامس عشر من أصناف الغالية يزعمون أنّ الله عزّ وجلّ وكّل الأمور وفوّضها إلى محمّد صلّى الله عليه وسلّم ، وأنّه أقدر على خلق الدُّنيا فخلقها ودبّرها ، وأنّ الله سبحانه لم يخلق من ذلك شيئاً ، ويقول ذلك كثير منهم في عليّ ، ويزعمون أنّ الأئمّة ينسخون الشرائع » [1] . وقال الخوئي في التنقيح : « ومن الغلاة من ينسب إليه الاعتراف بألوهيّته سبحانه إلاّ أنّه يعتقد أنّ الأمور الراجعة إلى التشريع والتكوين كلّها بيد أمير المؤمنين عليه السلام أو أحد الأئمّة عليهم السلام ، فيرى أنّه المُحيي والمميت وأنّه الخالق والرازق . وهذه هي عقيدة التفويض ، لأنّ معناها أنّ الله سبحانه كبعض السلاطين والملوك قد عزل نفسه عمّا يرجع إلى تدبير مملكته ، وفوّض الأمور الراجعة إليها إلى أحد وزرائه » [2] . ولكي تتّضح مناقشة هذه المقولة بشكل دقيق ينبغي تقديم مقدّمة
[1] مقالات الإسلاميّين واختلاف المصلّين : ص 16 . [2] التنقيح في شرح العروة الوثقى ، تقريراً لبحث آية الله العظمى السيّد أبو القاسم الموسوي الخوئي ، تأليف : الحجّة الميرزا علي الغروي التبريزي ، مؤسّسة آل البيت للطباعة والنشر ، مطبعة الآداب ، النجف الأشرف ، الطبعة الثانية : ج 3 ص 74 .