وما وقع للخواصّ ليس من هذا العلم المنفيّ في شيء ، ضرورة أنّه من الواجب عزّ وجلّ أفاضه عليهم بوجه من وجوه الإفاضة . فلا يقال إنّهم علموا الغيب بذلك المعنى ، ومن قال كفر قطعاً ، وإنّما يقال إنّهم أُظهروا أو أُطلعوا - بالبناء للمفعول - على الغيب أو نحو ذلك ممّا يفهم الواسطة في ثبوت العلم لهم . ويؤيّد ما ذكر أنّه لم يجئ في القرآن الكريم نسبة علم الغيب إلى غيره تعالى أصلاً ، وجاء الإظهار على الغيب لمن ارتضى سبحانه من رسول » [1] . المقولة الرابعة : القول بتناسخ أرواح الأئمّة التناسخ : انتقال النفس الناطقة بعد الموت من بدن إلى بدن إنسان آخر في هذه النشأة ، كما يعتقده أهل التناسخ المنكرون للمعاد الجسماني [2] . وهذه الفرقة من الغلاة زعمت أنّ أرواح الأئمّة عليهم السلام تتناسخ فيما بينها . وهذه الدعوى أيضاً باطلة عقلاً ونقلاً . أمّا الأوّل ، فلما ثبت في مباحث المعاد أنّ أصل القول بتناسخ الأرواح محال ، لأنّه يستلزم أزليّة النفس الإنسانيّة ، مضافاً إلى استلزامه عدم تناهي الأجسام المتناسخة بالعدد . قال المحقّق الداماد : « إنّ القول بالتناسخ إنّما يستطب لو قيل بأزليّة النفس المدبّرة للأجساد المتعاقبة على التناقل والتناسخ ، وبلا تناهي تلك الأجساد المتناسخة بالعدد في جهة الأزل ، كما هو المشهور من مذهب
[1] روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني : ج 20 ص 11 . [2] موسوعة كشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم ، للباحث العلاّمة محمّد علي التهانوي ، تقديم وإشراف ومراجعة : الدكتور رفيق العجم ، مكتبة لبنان - ناشرون ، الطبعة الأولى 1996 : لفظة : التناسخ ، ج 1 ص 512 .