أن لا يكتمه من أحد من مواليّ وشيعتي حتّى يظهر على هذا التوقيع الكلّ من الموالي ، لعلّ الله عزّ وجلّ يتلافاهم فيرجعوا إلى دين الحقّ وينتهوا عمّا لا يعلمون منتهى أمره ولا يبلغ منتهاه ، فكلّ من فهم كتابي ولم يرجع إلى ما قد أمرته ونهيته ، فلقد حلّت عليه اللعنة من الله وممّن ذكرت من عباده الصالحين » [1] . عن ابن أبي عمير عن ابن المغيرة قال : « كنت أنا ويحيى بن عبد الله بن الحسن عند أبي الحسن عليه السلام فقال له يحيى : جعلت فداك إنّهم يزعمون أنّك تعلم الغيب ؟ فقال : سبحان الله ، ضع يدك على رأسي ، فوالله ما بقيت شعرة فيه وفي جسدي إلاّ قامت . ثمّ قال : لا والله ، ما هي إلاّ وراثة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله » [2] . لذا قال الشيخ المفيد : « إطلاق القول على الأئمّة بأنّهم يعلمون الغيب ، فهو منكر الفساد ، لأنّ الوصف بذلك إنّما يستحقّه من علم الأشياء بنفسه لا بعلم مستفاد ، وهذا لا يكون إلاّ لله عزّ وجلّ ، وعلى قولي هذا جماعةُ أهل الإمامة ، إلاّ من شذَّ عنهم من المفوّضة ومن انتمى إليهم من الغلاة » [3] . وقال الآلوسي في ذيل قوله تعالى : ( قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ) ( النمل : 65 ) « الحقّ أن يقال : إنّ علم الغيب المنفيّ عن غيره جلّ وعلا هو ما كان للشخص لذاته أي بلا واسطة في ثبوته له ، وهذا ممّا لا يعقل لأحد من أهل السماوات والأرض ، لمكان الإمكان فيهم ذاتاً وصفةً ، وهو - أي الإمكان - يأبى ثبوت شيء لهم بلا واسطة .
[1] الاحتجاج ، توقيعات الناحية المقدّسة : ج 2 ص 288 . [2] ترتيب الأمالي : ج 3 ص 94 ، أمالي المفيد ، المجلس : 3 ، الحديث : 5 . [3] أوائل المقالات ، مصدر سابق : ص 77 .