مائلة إلى تحصيل اليقين على اختلاف مراتبه ، وهؤلاء يُدعون بالحكمة ، وهي البرهان . ومنهم عوامّ ، وهم أصحاب نفوس كدرة ، ضعيفة الاستعداد ، شديدة الألفة بالمحسوسات ، قويّة التعلّق بالرسوم والعادات ، قاصرة عن درجة البرهان ، لكن لا عناد عندهم ، وهؤلاء يدعون بالموعظة الحسنة . ومنهم أصحاب العناد واللجاج الذين يجادلون بالباطل ليدحضوا به الحقّ ، ويكابرون ليطفئوا نور الله بأفواههم ، رسخت في نفوسهم الآراء الباطلة ، وغلب عليهم تقليد أسلافهم في مذاهبهم ، لا تنفعهم المواعظ والعبر ، ولا يهديهم سائق البراهين ، وهؤلاء هم الذين أُمر بمجادلتهم بالتي هي أحسن . لكن ما ينبغي الالتفات إليه أنّ هناك مجموعة من القواعد والضوابط لا بدّ من مراعاتها في هذا المجال ، ويمكن تقسيمها إلى قسمين : القسم الأوّل : قواعد تتعلّق بالمتكلِّم 1 - من القواعد الأساسيّة التي ينبغي التوفّر عليها لكلّ من يريد تبيين هذه المعارف والحقائق التي وصفت بأنّها « صعبة مستصعبة » القاعدة التي وردت على لسان خاتم الأنبياء والمرسلين حيث قال : « إنّا معاشر الأنبياء أُمرنا أن نكلِّم الناس على قدر عقولهم » [1] ; أي على قدر ما تدركه عقولهم من المعارف والحقائق . قال المازندراني : « لأنّ الحكيم يراعي في تعليم العقول المتحيّرة في تيه الضلالة والنفوس المنكدرة برين الغواية ، وتأديبها بمحاسن الآداب ومكارم الأخلاق والفضائل وتخليصها عن غواشي الأوهام ، ما يناسبها ويبلغ إليه فهمها وينتهي إليه دركها ، وقد يُلبس المطالب بكسوة الأمثال
[1] الأصول من الكافي : ج 1 ص 23 ، كتاب العقل والجهل ، الحديث : 15 .