العقل هنا هو المعنى الاصطلاحي البرهاني بالضرورة ، بل قد يُراد منه ما هو الأعمّ الذي يشمل العقل العرفي العادي أيضاً - كما سيتّضح - . المقدمة الثانية : تفاوت الناس في استعداداتهم من الواضح أنّ عقول الناس واستعداداتهم ليست على درجة واحدة من حيث الإدراك والفهم ، وهذا ما نصّت عليه الآيات والروايات . * أمّا الآيات فمنها قوله تعالى : ( أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا ) ( الرعد : 17 ) ، فإنّها تشير إلى أنّ « الوجود النازل من عنده تعالى على الموجودات الذي هو بمنزلة الرحمة السماويّة والمطر النازل من السحاب على ساحة الأرض ، خالٍ في نفسه عن الصور والأقدار وإنّما يتقدّر من ناحية الأشياء أنفسها كماء المطر الذي يحتمل من القدر والصورة ما يطرأ عليه من ناحية قوالب الأودية المختلفة في الأقدار والصور ، فإنّما تنال الأشياء من العطيّة الإلهيّة بقدر قابليّتها واستعداداتها وتختلف باختلاف الاستعدادات والظروف والأوعية » [1] . * وأمّا الروايات ، فمنها : ما عن إسحاق قال : « قلت لأبي عبد الله الصادق عليه السلام : الرجل آتيه أُكلّمه ببعض كلامي فيعرف كلّه ، ومنهم من آتيه فأكلّمه بالكلام فيستوفي كلامي كلّه ثمّ يردّه عليَّ كما كلّمته ، ومنهم من آتيه فأكلّمه فيقول : أعدْ عليَّ . فقال : يا إسحاق أوَ ما تدري لِمَ هذا ؟ قلت : لا . قال : الذي تكلّمه ببعض كلامك فيعرف كلّه ، فذاك من عجنت نطفته
[1] الميزان في تفسير القرآن ، مصدر سابق : ج 11 ص 338 .