قال الطباطبائي معلّقاً على هذا النصّ : « قوله عليه السلام : واعلم يا عبد الله إنّ الراسخين في العلم . . . إلخ ، ظاهر في أنّه عليه السلام أخذ « الواو » في قوله : ( وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) للاستيناف دون العطف كما استظهرناه من الآية ، ومقتضى ذلك أنّ ظهور الآية لا يساعد على كون الراسخين في العلم عالمين تأويله ، لا أنّه يساعد على عدم إمكان علمهم به ، فلا ينافي وجود بيان آخر يدلّ عليه - كما سيأتي - . وقوله عليه السلام : « ( الذين أغناهم الله عن الاقتحام في السدد المضروبة دون الغيوب ) خبر ( أنّ ) والكلام ظاهر في تخصيص المخاطب وترغيبه أن يلزم طريقة الراسخين في العلم بالاعتراف بالجهل فيما جهله فيكون منهم ، وهذا دليل على تفسيره عليه السلام الراسخين في العلم بمطلق من لزم ما علمه ولم يتعدّ إلى ما جهله . والمراد بالغيوب المحجوبة بالسدد ، المعاني المرادة بالمتشابهات المخفيّة عن الأفهام العامّة ، ولذا أردفه بقوله ثانياً : فلزموا الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره ، ولم يقل : بجملة ما جهلوا تأويله ، فافهم » [1] . الدليل الثاني : أهل البيت يعلمون ما في أمّ الكتاب يمكن صياغة هذا الدليل بالنحو التالي : المقدمة الأولى : إنّ المطهّرين يعلمون ما في الكتاب المكنون لقوله : ( إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ) ( الواقعة : 77 - 79 ) ، حيث بيّنت أنّ المطهّرين من عباد الله يمسّون القرآن الكريم الذي في الكتاب المكنون والمحفوظ ، وليس هذا المسّ - كما تقدّم - إلاّ نيل الفهم
[1] الميزان في تفسير القرآن ، مصدر سابق : ج 3 ص 69 .