والعلم . ومن المعلوم أنّ الكتاب المكنون هذا هو أمّ الكتاب المدلول عليه بقوله : ( وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ) ( الزخرف : 4 ) . المقدمة الثانية : إنّ ما في أمّ الكتاب هو تأويل الكتاب الذي هو حقيقة عينيّة محفوظة عن كلّ تغيير . والنتيجة المترتّبة على هاتين المقدّمتين : أنّ المطهّرين يعلمون تأويل الكتاب . ولمّا ثبت في الفصل الأوّل أنّ المطهّرين هم أهل البيت عليهم السلام لقوله : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) ( الأحزاب : 33 ) . إذن أهل البيت عليهم السلام عالمون بتأويل الكتاب . ويترتّب على هذا البيان أمران : الأوّل : « إنّ المقدار الثابت بهذا الدليل أنّ المطهّرين يعلمون التأويل ، ولازم تطهيرهم أن يكونوا راسخين في علومهم ، لما أنّ تطهير قلوبهم منسوب إلى الله وهو تعالى سبب غير مغلوب ، لا أنّ الراسخين في العلم يعلمون التأويل بما أنّهم راسخون في العلم ، أي أنّ الرسوخ في العلم ليس سبباً للعلم بالتأويل ، وذلك لأنّ الله وصف رجالاً من أهل الكتاب برسوخ العلم ومدحهم بذلك وشكرهم على الإيمان والعمل الصالح في قوله : ( لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ ) ( النساء : 162 ) . ولم يثبت مع ذلك كونهم عالمين بتأويل الكتاب . الثاني : إنّ قوله تعالى : ( لا يمسه إلا المطهرون ) لا يثبت للمطهّرين إلاّ مسّ الكتاب في الجملة ، وأمّا أنّهم يعلمون كلّ التأويل ولا يجهلون شيئاً منه ولا في وقت ، فهي ساكتة عن ذلك ، ولو ثبت لثبت بدليل منفصل » [1] .
[1] الميزان في تفسير القرآن ، مصدر سابق : ج 3 ص 55 .