الخارجي الذي قد يُقال إنّه إيقاع بالتهلكة . وحاصل ذلك : أنّ الإمام عليه السلام وإن كان يعلم ما هو صائرٌ إليه ، لكن هذا العلم الذي توفّر عليه من الأمور التي قد يبدو لله فيها - كما تقدّم بيانه - فالإمام الذي يقدم على واقعة يعلم أنّه يموت فيها ، كما هو الحال في خروج أمير المؤمنين عليه السلام إلى المسجد أو خروج الإمام الحسين عليه السلام إلى كربلاء ، فهما وإن كانا يعلمان بأنّهما سيقتلان ، إلاّ أنّ سنخ هذا العلم قد يبدو لله فيه ، ومن ثَمَّ لم يكن الإمام عليه السلام حين خروجه جازماً بقتله . وهكذا الحال بالنسبة لمبيت أمير المؤمنين عليه السلام في فراش النبيّ صلّى الله عليه وآله ليلة الهجرة ، فإنّه عليه السلام وإن كان يعلم أنّه لا يصيبه شيء ، إلاّ أنّه يعلم أيضاً أنّ هذا العلم من الأقضية التي قد يبدو لله فيها ، وعلى هذا الأساس يعدّ مبيته عليه السلام في تلك الليلة منقبة . إذن لا تنافي بين القول بعلم أهل البيت عليهم السلام بالغيب وما هم صائرون إليه وبين سلوكهم الخارجي . فائدة : العلم الحادث أفضل علومهم أشارت النصوص أنّ هذا القسم من علومهم - وهو العلم الحادث - هو أفضل وأشرف أقسام علومهم ، قال أبو الحسن الأوّل موسى بن جعفر عليهما السلام : « مبلغ علمنا على ثلاثة وجوه : ماض وغابر وحادث ، فأمّا الماضي فمفسّر ، وأمّا الغابر فمزبور ، وأمّا الحادث فقذف في القلوب ونقر في الأسماع ، وهو أفضل علمنا » [1] .
[1] أصول الكافي : ج 1 ص 264 ، كتاب الحجّة ، باب جهات علوم الأئمّة ، الحديث : 1 .