المقدمة الثالثة : حكمة الله تعالى تقتضي عدم إخبار الإنسان بنتائج عمله لمّا كان الله تعالى يعلم بمصير الإنسان وما تؤدّي إليه أعماله من نتائج ، إلى جوار هذه الحقيقة ينبثق تساؤل يسلّط فيه الضوء على أنّ الحكمة الإلهيّة هل تقتضي إخبار الإنسان بنتائج أعماله وممارسة تكاليفه في دار الدُّنيا ؟ وهل من الحكمة أن يخبر الله تعالى ذلك الإنسان المجاهد مثلاً بأنّه سوف يموت في يوم كذا ويصاب بكذا في تلك الواقعة ، أم أنّ الحكمُة تقتضي عدم إخبار الإنسان بنتائج عمله ؟ من الواضح أنّ الحكمة الإلهيّة في تكليف تقتضي عدم إخبار الإنسان بمصيره وبنتائج أعماله وتكاليفه التي يمارسها ، ولعلّ السبب في ذلك بات واضحاً ، إذ لو كان الإنسان مطّلعاً على نتيجة ما يمتثله من تكاليف ويمارسه من أفعال ، لأفضى ذلك إلى ترك الإنسان لكثير من الأعمال والأفعال الواجبة التي يعلم أنّها تؤدّي إلى تعرّضه للأذى حين امتثالها ، وكذلك الأمر في جانب المحرّمات . قال الطباطبائي : « إنّ الله سبحانه لا يريد من خلقه إلاّ أن يعيشوا على جهل بالحوادث المستقبلة ليقوموا بواجب حياتهم بهداية من الأسباب العاديّة وسياقة من الخوف والرجاء ، وظهور الحوادث المستقبلة تمام ظهورها يفسد هذه الغاية الإلهيّة » [1] . فمن الحكمة في ضوء هذه الحقيقة أن يخفي الله تعالى نتائج وعواقب ما يمارسه الإنسان من تكاليف وأفعال ، لكي لا يؤثّر ذلك على سلوكه في امتثاله للتكاليف الإلهيّة .