العيني عبر الانتقال من عالم العلم الإلهي إلى عالم العين الخارجي ، وبذلك يكون هذا الواقع الخارجي هو معلوم ذلك العلم الذي هو عين الذات . وقد كثر ورود العلم بهذا المعنى في القرآن كقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ ) ( المائدة : 94 ) ، وقوله ( وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ) ( الحديد : 25 ) ، وقوله : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ ) ( محمّد : 31 ) ، وقوله : ( وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ) ( الحديد : 25 ) ، فهو سبحانه وإن كان يعلم منذ الأزل ماذا يفعل ويختار الإنسان ، إلاّ أنّه لا يرتّب الأثر على ذلك إلاّ بعد تحقّق معلوم ذلك العلم من قبل الإنسان وباختياره في الواقع العيني الخارجي ؛ لذا قال الطباطبائي إنّ التعبير القرآني ب « ليعلم الله » هو : « كناية عن أنّه سيتقدّر كذا ليتميّز منكم من يخاف الله بالغيب عمّن لا يخافه ، لأنّ الله سبحانه لا يجوز عليه الجهل حتّى يرفعه بالعلم » [1] . وقال في موضع آخر : « إنّ المراد بالعلم الحاصل له تعالى من امتحان عباده هو ظهور حال العباد بذلك ، وبنظر أدقّ هو علم فعليّ له تعالى خارج الذات » [2] . ومن المعلوم أنّ قانون الابتلاء والامتحان لا يستثني أحداً من الناس ، سواء كان نبيّاً أم وليّاً ؛ قال تعالى : ( وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامً ) ( البقرة : 124 ) ، وحكى القرآن على لسان سليمان بعدما أعطي ما أعطى : ( قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ) ( النمل : 40 ) ، ونحوها من الآيات الدالّة على هذه الحقيقة القرآنيّة .
[1] الميزان في تفسير القرآن ، مصدر سابق : ج 6 ص 138 . [2] المصدر السابق : ج 18 ص 243 .