واستقلالها ، وإنّما تملكها بتمليك الله إيّاها . ولعلّ هذا معنى ما ورد عن عليّ أمير المؤمنين عليه السلام عندما سأله عباية بن ربعي عن معنى الاستطاعة قال : « تملكها بالله الذي يملكها من دونك ، فإن ملّككها كان ذلك من عطائه ، وإن سلبكها كان ذلك من بلائه ، وهو المالك لما ملَّككَ والقادر على ما عليه أقدرك » [1] . المعالجة الثانية : الموجبة الكلّية والموجبة الجزئيّة إنّ الآيات الدالّة على انحصار العلم بالغيب بالله تعالى ، إنّما ترمي الإشارة إلى أمر بالغ الأهمّية على صعيد المعارف التوحيديّة ، وهو استحالة اطلاع غير الله تعالى من المخلوقات على علم الغيب بشكل مطلق وشامل لكلّ موارده . إذ لا يمكن لأيٍّ من الموجودات الإمكانيّة مهما بلغت درجة وسعة كمالها الوجودي - ولو كان الصادر الأوّل - أن يطّلع على العلم الإلهي في مقام الذات الذي لا حدّ ولا نهاية له [2] ; لعدم قابليّة إحاطة المتناهي باللامتناهي . وفي ضوء ذلك فالآيات القرآنيّة الدالّة على انحصار علم الغيب بالله تعالى تشير إلى هذه الحقيقة ، وهي أنّ علم الغيب بنحو مطلق وشامل لكلّ موارد علم الغيب - بما فيها العلم بالذات الإلهيّة - منحصر به سبحانه ، ولا يمكن لأيّ موجود آخر الاطّلاع على كلّ موارد العلم بالغيب ، وهذا لا
[1] تحف العقول عن آل الرسول ، الشيخ الثقة الجليل الأقدم أبو محمّد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني ، صحّحه وعلّق عليه : علي أكبر الغفاري ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، الطبعة الثانية : 1404 ه : ص 213 . [2] ينظر التوحيد ، بحوث في مراتبه ومعطياته ، تقريراً لدروس السيّد كمال الحيدري ، بقلم : جواد علي كسّار ، دار فراقد ، الطبعة الخامسة : 1427 ه : ج 1 ص 218 .