هذا كلّه من حيث البحث السندي . أمّا من حيث المضمون ، فإنّه كيف يمكن أن تكون السنّة مرجعاً يطلب إلى المسلمين في جميع عصورهم أن يتمسّكوا بها إلى جنب الكتاب ، وهي غير مجموعة على عهده صلّى الله عليه وآله وفيها الناسخ والمنسوخ والعامّ والخاصّ والمطلق والمقيّد . والعمل بالعامّ أو المطلق لا يجوز قبل الفحص عن مخصّصه أو مقيّده ، خصوصاً إذا علمنا أنّ من طريقته صلّى الله عليه وآله في التبليغ الاعتماد على القرائن المنفصلة ، فالإرجاع إلى شيء مشتّت وغير مدوّن تعجيز للأمّة وتضييع للكثير من أحكامها . « وإذا كانت هذه المشكلة قائمة بالنسبة إلى من أدرك الصحابة - وهم القلّة نسبيّاً - فما رأيكم بالمشكلة بعد تكثّر الفتوح وانتشار الإسلام ، ومحاولة التعرّف على أحكامه من قبل غير الصحابة من رواتهم ، وبخاصّة بعد انتشار الكذب والوضع في الحديث للأغراض السياسيّة أو الدينيّة أو النفسيّة » [1] . الإثارة الثانية : حديث الثقلين من المناكير هذه الإثارة ذكرها البخاري في التاريخ الصغير حيث قال : « قال أحمد في حديث عبد الملك عن عطية عن أبي سعيد ( قال النبيّ صلّى الله عليه وآله : تركت فيكم الثقلين ) أحاديث الكوفيِّين هذه مناكير » [2] .
[1] الأصول العامّة للفقه المقارن ، الطبعة الثانية ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام : ص 173 . [2] التاريخ الصغير ، البخاري ، تحقيق : إبراهيم محمود زايد ، دار المعرفة ، بيروت ، الطبعة الأولى 1416 ه : ج 1 ص 302 .