المناقشة : أوّلاً : بناءً على ما تقدّم من قطعيّة الحديث عند أهل السنّة ، وأنّ مصادرهم ممتلئة وطافحة بحديث الثقلين بشكل لا نظير له ، مع إقرار كبار علمائهم وحفّاظهم بصحّة صدوره ، كيف يمكن نسبة هذا الحديث إلى المناكير . حيث صحّحه الألباني في الجامع الصغير ، وعلّق عليه الهيثمي بقوله : « إسناده جيّد » [1] . وقال الحاكم في مستدركه : « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين » [2] . ورواه ابن كثير في البداية والنهاية معلّقاً عليه بقوله : « قال شيخنا أبو عبد الله الذهبي : وهذا حديث صحيح » [3] . ثانياً : إنّ هذا الكلام غريب جدّاً ، إذ قد ثبت بحيث لا يشكّ المتتبّع فيه ، أنّ أحمد قد روى هذا الحديث بطرق عديدة وأسانيد سديدة ، وروايات متكثّرة في المسند عن زيد بن أرقم وزيد بن ثابت ، وأبي سعيد الخدري . فنسبة الجرح في هذا الحديث إلى الإمام أحمد غريبة جدّاً ، ولا يمكن توجيهها أو تأويلها بنحو من الأنحاء ، ورواية أحمد للحديث في المسند أكبر حجّة على بطلان هذه الشبهة ، إذ لا يصحّ روايته إيّاه فيه مع إنكاره له ، لأنّه يستلزم التدليس والتلبيس ، مع العلم بأنّه يحتاط في رواياته ولا سيما في مسنده . فقد قال قاضي القضاة تاج الدين السبكي بترجمة أحمد : « قلت : وألّف مسنده ، وهو أصل من أصول هذه الأمّة ، قال الإمام الحافظ أبو موسى محمّد بن أبي بكر المديني رحمه الله : هذا الكتاب - يعني
[1] مجمع الزوائد للهيثمي ، دار الفكر ، بيروت ، 1408 : ج 9 ص 256 . [2] المستدرك على الصحيحين ، مصدر سابق : ج 5 ص 45 . [3] البداية والنهاية ، للإمام الحافظ إسماعيل بن كثير الدمشقي ، المتوفى سنة 774 ه : ج 5 ص 209 .