فهو معلوم له تعالى بنحو الشهادة والحضور ، وعليه فكلّ شيء سواء كان غيباً أو شهادةً بالنسبة إلى مخلوقاته فهو شهادة بالنسبة إليه تعالى ، قال في الميزان : « فيصير معنى قوله ( عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ( أنّ الذي يمكن أن يعلم به أرباب العلم وهو الذي لا يخرج عن حدّ وجودهم والذي لا يمكن أن يعلموا به لكونه غيباً خارجاً عن حدّ وجودهم ، هما معاً معلومان مشهودان له تعالى لإحاطته بكلّ شيء » [1] . 2 : الجمع بين الآيات النافية لعلم الغيب لغير الله والآيات المثبتة دلّت مجموعة من الآيات على انحصار علم الغيب بالله تعالى ؛ منها : قوله تعالى : ( قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ) ( النمل : 65 ) . وقوله : ( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ) ( الأنعام : 59 ) . وقوله : ( فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ ) ( يونس : 20 ) . فهذه الآيات ظاهرة في أنّ علم الغيب منحصر به تعالى ؛ قال الرازي : « إنّ قوله : ( وعنده مفاتح الغيب ) يفيد الحصر ، أي عنده لا عند غيره » [2] . وقال الطباطبائي : « وكيف كان فقوله : ( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ) مسوق لبيان انحصار العلم بالغيب فيه تعالى ؛ إمّا لأنّ خزائن الغيب لا يعلمها إلاّ الله ، وإمّا لأنّ مفاتيح الغيب لا يعلمها غيره تعالى ، فلا سبيل لغيره إلى تلك الخزائن ، إذ لا علم له بمفاتيحها التي يتوصّل بها إلى فتحها والتصرّف فيها » [3] .
[1] الميزان في تفسير القرآن ، مصدر سابق : ج 11 ص 307 . [2] التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب ، مصدر سابق : ج 13 ص 10 . [3] الميزان في تفسير القرآن ، مصدر سابق : ج 7 ص 125 .