الكتاب العزيز على الكفّار والمشركين وأهل الفسق والفجور ممّن لا يتّبع الحقّ ، ولا يدري ما هو التقوى والتذكّر ، فإنّهم لا سبيل لهم على هذا الفرض إلى إدراك الحقّ وحالهم هذا الحال . بل اعتبار التقوى لردّ النفس الإنسانيّة المدركة إلى استقامتها الفطريّة ، ولا يتحقّق ذلك إلاّ إذا عدّل الإنسان قواه المختلفة تعديلاً يورد كلاًّ منها وسط الطريق المشروع لها ، ومَلَكة الاعتدال في كلّ واحدة من القوى هي التي نسمّيها الخلق الفاضل كالحكمة والشجاعة والعفّة وغيرها . ومن هنا يحدس اللبيب أنّ توغّل الإنسان في طاعة قوّة من قواه المتضادّة وإسرافه في إجابة ما تقترح عليه ، يوجب انحرافه في أفكاره ومعارفه بتحكيم جميع ما تصدّقه هذه القوّة على ما يعطيه غيرها من التصديقات والأفكار وغفلته عمّا يقتضيه غيرها . والحاصل : فإنّ المعارف الحقّة والمعارف النافعة لا تتمّ للإنسان إلاّ إذا صلحت أخلاقه وتمّت له الفضائل الإنسانيّة القيّمة ، وهو التقوى » [1] . المرتبة الثانية : العلم الذي يورث اليقين هناك عدد وافر من النصوص القرآنيّة والروائيّة التي سلّطت الضوء على هذه المرتبة من العلم وبيان آثاره وخواصّه ، حيث بيّنت أنّ من أهمّ آثاره هو حصول اليقين القرآني ، وهو غير اليقين الاصطلاحي كما سيتّضح من هذه النصوص : قوله تعالى : ( وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ) ( الأنعام : 75 ) . ومن الواضح أنّ هذه الآية سجّلت خصوصيّة