نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 273
ضالاً في هذه الفترة من عمره ، فهداه إلى أسباب السعادة وعرّفه وسائل الشقاء . والالتزام بالضلالة بهذا المعنى لازم القول بالتوحيد الإفعالي ، فإنّ كل ممكن كما لا يملك وجوده وحياته ، لا يملك فعله ولا هدايته ولا رشده إلاّ عن طريق ربّه سبحانه ، وإنّما يفاض عليه كل شيء منه قال تعالى : ( يَا أيُّهَا النَّاسُ أنتُمُ الْفُقَرَاءُ إلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِىُّ الْحَمِيدُ ) ( 1 ) ، فكما أنّ وجوده مفاض من الله سبحانه ، فهكذا كل ما يوصف به من جمال وكمال فهو من فيوض رحمته الواسعة ، والاعتقاد بالهداية الذاتية ، وغناء الممكن بعد وجوده عن هدايته سبحانه يناقض التوحيد الإفعالي الذي شرحناه في موسوعة مفاهيم القرآن . ( 2 ) وقد تضافرت الآيات على هذا الأصل ، وأنّ هداية كل ممكن مكتسبة من الله سبحانه من غير فرق بين الإنسان وغيره ، وفي الأوّل بين النبي وغيره ، قال سبحانه : ( قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أعْطَى كُلَّ شَئٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ) ( 3 ) ، وقال سبحانه : ( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى ) ( 4 ) ، وقال سبحانه : ( وَقَالُوا الْحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أنْ هَدَانَا اللهُ ) ( 5 ) وقال سبحانه : ( الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ ) ( 6 ) ، وقال تعالى : ( إلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإنَّهُ سَيَهْدِينِ ) ( 7 ) لا ، وقال تبارك وتعالى : ( وَإنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إلَيَّ رَبِّي ) ( 8 ) ، إلى غير ذلك من الآيات .