نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 272
توجب منقصتها وظلمتها ، كالكافر والمشرك والفاسق ، والضلالة في هاتيك الأفراد صفة وجودية تكمن في نفوسهم ، وتتزايد حسب استمرار الإنسان في الكفر والشرك والعصيان والتجرّي على المولى سبحانه ، قال الله سبحانه : ( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأنْفُسِهِمْ إنَّمْا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ) ( 1 ) فإنّ لازدياد الإثم بالجوارح تأثيراً في زيادة الكفر ، وقد وصف سبحانه بعض الأعمال بأنّها زيادة في الكفر قال سبحانه : ( إنَّما النَّسِيئُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا ) ( 2 ) وقسم منه : تكون الضلالة فيه أمراً عدمياً ، بمعنى كون النفس فاقدة للرشاد غير مالكة له ، وعندئذ يكون الإنسان ضالاً بمعنى أنّه غير واجد للهداية من عند نفسه ، وفي الوقت نفسه لا تكمن فيه صفة وجودية مثل ما تكمن في نفس المشرك والعاصي ، وهذا كالطفل الذي أشرف على التمييز وكاد أن يعرف الخير من الشر ، والصلاح من الفساد ، والسعادة من الشقاء ، فهو آنذاك ضال ، لكن بالمعنى الثاني ، أي غير واجد للنور الذي يهتدى به في سبيل الحياة ، لا ضال بالمعنى الأوّل بمعنى كينونة ظلمة الكفر والفسق في روحه . إذا عرفت ذلك ، فاعلم : أنّه لو كان المراد من الضال في الآية ، ما يخالف الهداية والرشاد فهي تهدف إلى القسم الثاني منه لا الأوّل : بشهادة أنّ الآية بصدد توصيف النعم التي أفاضها الله سبحانه على نبيّه يوم افتقد أباه ثم أُمّه فصار يتيماً لا ملجأ له ولا مأوى ، فآواه وأكرمه ، بجدّه عبد المطلب ثم بعمّه أبي طالب ، وكان
1 . آل عمران : 178 . 2 . التوبة : 37 .
272
نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 272