نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 274
وعلى هذا الأساس فالآية تهدف إلى بيان النعم التي أنعمها سبحانه على حبيبه منذ صباه فآواه بعد ما صار يتيماً لا مأوى له ولا ملجأ ، وأفاض عليه الهداية بعدما كان فاقداً لها حسب ذاتها ، وأمّا تحديد زمن هذه الإفاضة فيعود إلى أوليات حياته وأيّام صباه بقرينة ذكره بعد الإيواء الذي تحقّق بعد اليتم ، وتمّ بجدّه عبد المطلب فوقع في كفالته إلى ثماني سنين ويؤيد ذلك قول الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « ولقد قرن الله به ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من لدن أن كان فطيماً أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره » . ( 1 ) والحاصل : إنّ الهداية في الآية نفس الهداية الواردة في قوله : ( أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ) ، وفي قوله : ( الذي خلقني فهو يهدين ) إلى غير ذلك من الآيات التي أوعزنا إليها ، والاعتقاد بكونه ضالاً أي فاقداً لها في مقام الذات ثم أُفيضت عليه الهداية ، هو مقتضى التوحيد الإفعالي ولازم كون النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ممكناً بالذات ، فاقداً في ذاته كل كمال وجمال ، مفاضاً عليه كل جميل من جانبه سبحانه ، وأين هو من الضلالة المساوقة للكفر والشرك أو الفسق والعصيان ؟ ! وإن شئت قلت : إنّ الضلالة في الآية ترادف الخسران الوارد في قوله سبحانه : ( إنّ الإنسان لفي خسر ) والهداية فيها ترادف الإيمان والعمل الصالح الواردين بعده ( إلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) ( 2 ) فالإنسان بما أنّه يصرف رأس ماله ، أعني : عمره الغالي كل يوم ، خاسر بالذات ، إلاّ إذا اكتسب به ما يبقى ولا ينفد أثره وهو الإيمان المقرون بالعمل الصالح ، والنبي وغيره في هذه الأحكام سواسية بل في كل التوصيفات الواردة في مجال الإنسان التي يثبتها القرآن له ولا
1 . نهج البلاغة : الخطبة 178 ، والتي تسمّى بالقاصعة . 2 . العصر : 2 - 3 .
274
نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 274