وهم عاجزون عن الإجابة لأن الأذن والأعصاب تنقل الذبذبات إلى المخ ، وهي موجودات محسوسة ، والسمع الذي نسمع به وجودٌ غير محسوس ! وفي الحقيقة أن الأذن ليست هي التي تسمع ، بل هي جهاز ينقل الذبذبات كأي طبلة وأسلاك ، والمخ ليس هو الذي يسمع ، بل هو جهاز ينقل الإشارات إلى السمع ، فهذا السمع إن كان موجوداً مادياً فأين هو وأين مكانه ؟ وإن لم يكن موجوداً فلا يمكن أن نسمع ! ولا جواب إلا أنه موجود غير مادي عرفناه بالعقل فهو غيبي وليس مادياً ! ويدل على أن السمع ليس انعكاساً مادياً لأدواته ، أن أدواته لو لم توجد فهو موجود ، ولو وجدت وسيلة أخرى غير الأذن تؤدي دورها لحصل السمع ! وإن أصروا على أن السمع أثر للمادة ، فالسؤال : هل هو أثرٌ مادي أم غير مادي ؟ فإن كان مادياً فأين هو ؟ وإلا فقد سقطت النظرية الحسية من أصلها ! فالصحيح في السمع والحس أنه موجود بشكل مستقل عن الجسم ، وأنه قوةٌ من قوى الروح التي ترتبط بالبدن بنحو تتقبل رموز تفاعلاته المادية ، وتترجمها إلى مدركات ! والذي يكلمك ليس بدن مخاطبك بل روحه ، بوسيلة آلية معينة . والذي يفهم منه ويجيبه ليس بدنك بل روحك بواسطة آلية معينة ! قال الله تعالى : وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلاً . ( الإسراء : 85 ) . وستبقى معلومات البشر عن الروح قليلة ، وستبقى روح المؤمن والملحد التي بين جنبيه لغزاً ، بها يحيا ويفكر ويتساءل ولا يعرف عنها إلا القليل ! وكلما اكتشفوا معلومة منها ، انكشفت جوانب أكثر إعجازاً وإلغازاً !