وروي أن نمروداً لمَّا رأى النار صارت برداً وسلاماً على إبراهيم ( عليه السلام ) سأله : من أنجاك ؟ ! قال : ربي ورب العالمين . فقال نمرود لمن حوله : لقد نفعه ربه ، فمن أراد أن يتخذ إلهاً فليتخذه مثل إله إبراهيم ! ( الكافي : 8 / 369 ) . يقصد نمرود أنه هو وأمثاله لا يحتاجون إلى اتخاذ إله ! وبهذا حرَّف القضية من الاعتراف بحقيقة موضوعية ، وجعلها حاجة لبعض الناس ، أما هو فلا يحتاج ! إن أصل جريمة الملحد أنه قرر مسبقاً أن ينفي وجود الله تعالى ، ويرفض الأدلة عليه مهما كانت قوية ! وهذا هو الظلم والعلو الذي قال الله تعالى عنه : وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ . والآية تدل على أن الإلحاد يستتبع الإفساد ، لأن الملحد ظالم متكبر ، فهو يفسد في المجتمع لا محالة ! 2 - النظرية الحسية غير محسوسة ! يهرب الملحد من البحث المنطقي لأنه بنى أمره على معاكسة المنطق ! ويرفع شعار النظرية الحسية القائلة : كل شئ غير محسوس فهو غير موجود ! فهو يجعل الحس أصل نظريته ، غافلاً عن أن الحس نفسه غيب غير محسوس ! لأن الحس لا يعرف بالحواس لا بالسمع ولا الشم ولا الذوق ولا اللمس ، بل يعرف بالعقل ! فهو موجود من مدركات العقل غير المحسوسة ! وبهذا تبطل نظريتهم الحسية لأن الحس نفسه غير مادي ! فهم مضطرون إلى الاعتراف بأن الحقائق منها ما يعرف بالحس ومنها بالعقل ، وكلها حقائق . وقد سألناهم ما هو الموجود : الأذن . . أو السمع ؟ فهل تسمع بسمعك أم بأذنك ؟ وهل الموجود الأذن والسمع كلاهما ، أم الأذن فقط ؟ !